الحديث الخامس والثلاثون الاربعون النووية

يضم ما فيه الخير والنفع من الامور المنتقاه والتى ليس لها فرع بالموقع وما يتم تقديمه من طلبات و أراء و اقتراحات و أفكار من أجل التطوير و التحديث
عبد الرحمن الجارحي
عضو فعال
عضو فعال
مشاركات: 478
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2018 1:00 am

الحديث الخامس والثلاثون الاربعون النووية

مشاركة بواسطة عبد الرحمن الجارحي »



عَنْ أَبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{ لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُم عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقوَى هَهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِه ثَلاَثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وعِرْضُهُ }.

رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عبد الرحمن الجارحي
عضو فعال
عضو فعال
مشاركات: 478
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2018 1:00 am

Re: الحديث الخامس والثلاثون الاربعون النووية

مشاركة بواسطة عبد الرحمن الجارحي »



المفردات :

(لا تحاسدوا): لا يحسد بعضكم بعضا.

(ولا تناجشوا): لا يزد بعضكم في ثمن سلعة لا يريد شراءها. ليخدع بذلك غيره ممن يرغب فيها.

(ولا تباغضوا): لا تتعاطوا أسباب التباغض.

(ولا تدابروا): لا يعط أحد منكم أخاه دبره حين يلقاه مقاطعة له.

(ولا يبع بعضكم على بيع بعض): بأن يقول لمن اشترى سلعة في مدة الخيار: افسخ هذا البيع ، وأنا أبيعك مثله بأرخص منه ثمنه ، أو أجود منه بثمنه. أو يكون المتبايعان قد تقرر الثمن بينهما وتراضيا ، ولم يبق إلا العقد فيزيد عليه ، أو يعطيه بأنقص ، وهذا بعد استقرار الثمن ، أما قبل الرضا فليس بحرام.

(وكونوا عباد الله أخوانا): كالتعليل لما تقدم ، أي تعاملوا معاملة الأخوة في المودة ، والرفق والشفقة والملاطفة ، والتعاون في الخير ، ونحو ذلك مع صفاء القلوب.

(المسلم أخو المسلم): لأنه يجمعهما دين واحد ، قال تعالى: ((إنما المؤمنون أخوة)).

(لا يظلمه): لا يدخل عليه ضررا في نفسه ، أو دينه ، أو عرضه ، أو ماله بغير إذن شرعي.

(ولا يخذله): لا يترك نصرته المشروعة ، لأن من حق حقوق أخوة الإسلام: التناصر.

(ولا يكذبه): بفتح ياء المضارعة ، وتخفيف الذال المكسورة على الأشهر ، ويجوز ضم أوله وإسكان ثانية _ لا يخبره بأمر خلاف الواقع.

(ولا يحقره): بالحاء المهملة والقاف _ لا يستصغر شأنه ويضع من قدره ، لأن الله لما خلقه لم يحقره بل رفعه وخاطبه وكلفه.

(التقوى): اجتناب عذاب الله بفعل المأمور ،و ترك المحظور.

(بحسب امريء من الشر): يكفيه من الشر.

(عرضه): حسبه ، وهو مفاخره ومفاخر آبائه ، وقد يراد به النفس.

يستفاد منه :

1 - تحريم الحسد ،والتباغض ، و التدابر ، وبيع البعض على بيع البعض.
2 - النهي عن أذية المسلم بأي وجه من الوجوه من قول أو فعل.

3 - النهي عن الأهواء المضلة ، لأنها توجب التباغض.

4 - الأمر باكتساب ما يصير به المسلمون إخوانا على الإطلاق ، ويدخل في ذلك أداء حقوق المسلم على المسلم: كر د السلام ، وابتدائه ، وتشميت العاطس ، وعيادة المريض ، وتشييع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، والنصح.

5 - تحريم الظلم.

6 - أن من حقوق المسلم على المسلم نصره إذا احتاج إليه ، سواء كان ذلك الأمر دنيويا مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به ، فيجب عليه دفعه ، أو دينيا مثل أن يقدر على نصحه عن غيه بنحو وعظ فيجب عليه حينئذ النصح ، وتركه هو الخذلان المحرم.

7 - التحذير من تحقير المسلم ، فإن الله لم يحقره إذ خلقه ، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض ، وسماه مسلما ، ومؤمنا ، وعبدا ، وجعل الرسول منه إليه محمدا صلى الله عليه وسلم. فمن حقر مسلما من المسلمين فقد حقر ما عظمه الله تعالى.

8 - إن عمدة التقوى ما في القلب من عظمة الله ، وخشيته ومراقبته ، ولا اعتبار بمجر د الأعمال الصالحة بدون ذلك.

9 - تحريم دماء المسلمين ، وأموالهم وأعراضهم .
عبد الرحمن الجارحي
عضو فعال
عضو فعال
مشاركات: 478
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2018 1:00 am

Re: الحديث الخامس والثلاثون الاربعون النووية

مشاركة بواسطة عبد الرحمن الجارحي »



الشرح

قوله: لا تَحَاسَدوا أي لا يحسد بعضكم بعضاً.

وما هو الحسد؟
قال بعض أهل العلم:الحسد تمني زوال نعمة الله عزّ وجل على الغير، أي أن يتمنى أن يزيل نعمته على الآخر،سواء كانت النعمة مالاً أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - الحسد:كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمن الزوال.

ومن المعلوم أن من لازم الكراهة أن يتمنى الزوال،لكن كلام الشيخ-رحمه الله - أدق، فمجرد ما تكره أن الله أنعم على هذا الرجل بنعمة فأنت حاسد.

وَلا تَنَاجَشوا أي لا ينجش بعضكم على بعض،

وهذا في المعاملات، ففي البيع المناجشة: أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها، لكن يريد الإضرار بالمشتري أو نفع البائع، أو الأمرين معاً .

ثال ذلك:عرضت سلعة في السوق فسامها رجل بمائة ريال، هذا الرجل السائم تعدى عليه رجل آخر وقال:بمائة وعشرة قصده الإضرار بهذا السائم وزيادة الثمن عليه، فهذا نجش.

ورجل آخر رأى رجلاً يسوم سلعة وليس بينه وبين السائم شيء، لكن السلعة لصديق له، فأراد أن يزيد من أجل نفع صديقه البائع، فهذا حرام ولا يجوز.

ورجل ثالث: أراد الإضرار بالمشتري ونفع البائع فهذا أيضاً حرام.

قال: وَلا تَبَاغَضوا أي لا يبغض بعضكم بعضاً ، والبغضاء لا يمكن تعريفها، تعريفها لفظها:كالمحبة والكراهة، والمعنى: لا تسعوا بأسباب البغضاء.

وإذا وقع في قلوبكم بغض لإخوانكم فاحرصوا على إزالته وقلعه من القلوب.

وَلا تَدَابَروا إما في الظهور بأن يولي بعضكم ظهر بعض، أولا تدابروا في الرأي، بأن يتجه بعضكم ناحية والبعض الآخر ناحية أخرى.

وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ

بَعضٍ مثال ذلك:رأيت رجلاً باع على آخر سلعة بعشرة،فأتيت إلى المشتري وقلت: أنا أعطيك مثلها بتسعة،أو أعطيك خيراً منها بعشرة،فهذا بيع على بيع أخيه، وهو حرام.

وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوانَاً أي صيروا مثل الإخوان،ومعلوم أن الإخوان يحب كل واحد منهم لأخيه ما يحب لنفسه.

وقوله: عِبَادَ اللهِ جملة اعتراضية،المقصود منها الحث على هذه الإخوة .

ثم قال: المُسلِمُ أَخو المُسلِمِ أي مثل أخيه في الولاء والمحبة والنصح وغير ذلك.

لاَ يَظلِمهُ أي لا ينقصه حقه بالعدوان عليه، أو جحد ما له ، سواء كان ذلك في الأمور المالية ،أو في الدماء،أو في الأعراض، في أي شيء.

وَلاَ يَخذُلُهُ أي لا يهضمه حقه في موضوع كان يحب أن ينتصر له.

مثاله:أن يرى شخصاً مظلوماً يتكلم عليه الظالم، فيقوم هذا الرجل ويزيد على الذي يتكلم عليه ولا يدافع عن أخيه المخذول ،
بل الواجب نصر أخيه ولا يكذبه أي لا يخبره بالكذب، الكذب القولي أو الفعلي.

مثال القولي:أن يقول حصل كذا وكذا وهو لم يحصل.

ومثال الفعلي: أن يبيع عليه سلعة مدلسة بأن يظهر هذه السلعة وكأنها جديدة، لأن إظهاره إياها على أنها جديدة كأنه يقول بلسانه هي جديدة، فلا يحل له أن يكذبه لا بالقول ولا بالفعل.

وَلاَ يَحْقِرُهُ أي لا يستصغره، ويرى أنه أكبر منه، وأن هذا لا يساوي شيئاً,
عبد الرحمن الجارحي
عضو فعال
عضو فعال
مشاركات: 478
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2018 1:00 am

Re: الحديث الخامس والثلاثون الاربعون النووية

مشاركة بواسطة عبد الرحمن الجارحي »



ثم قال: التَّقوى هَاهُنا يعني تقوى الله عزّ وجل في القلب وليست في اللسان ولا في الجوارح،وإنما اللسان والجوارح تابعان للقلب.

وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاثَ مِرَاتٍ يعني قال: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، تأكيداً لكون القلب هو المدبر للأعضاء.

ثم قال: بِحَسبِ امرُىءٍ مِنَ الشَّرِّ الباء هذه زائدة، وحسب بمعنى كافٍ و أَن يَحْقِرُهُ مبتدأ والتقدير حقر أخيه كافٍ في الشر، وهذه الجملة تتعلق بقوله: وَلا يحَقِرَهُ أي يكفي الإنسان من الإثم أن يحقر أخاه المسلم، لأن حقران أخيك المسلم ليس بالأمر الهين.

كُل المُسلِم عَلَى المُسلِم حَرَام ثم فسر هذه الكلية بقوله: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ يعني أنه لا يجوز انتهاك دم الإنسان ولا ماله ولا عرضه،كله حرام.
عبد الرحمن الجارحي
عضو فعال
عضو فعال
مشاركات: 478
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2018 1:00 am

Re: الحديث الخامس والثلاثون الاربعون النووية

مشاركة بواسطة عبد الرحمن الجارحي »



فوائد هذا الحديث:

1-أن هذا الحديث العظيم ينبغي للإنسان أن يسير عليه في معاملته إخوانه، لأنه يتضمن توجيهات عالية من النبي صلى الله عليه وسلم.

.2تحريم الحسد لقوله لاَ تَحَاسَدوا.

وهل النهي عن وقوع الحسد من الجانبين ، أو من جانب واحد؟

الجواب:من جانب واحد،يعني لو فرضنا إنساناً يريد أن يحسد أخاه وذاك قلبه سليم لا يحسد صار هذا حراماً، فيكون التفاعل هنا في قوله لا تَحَاسَدوا ليس من شرطه أن يكون من الجانبين،كما إذا قلت: لا تقاتلوا يكون القتال من الجانبين.

فإن قال قائل: ما يرد على القلب أحياناً من محبة كون الإنسان أعلى من أخيه، فهل يدخل في الحسد؟

فالجواب:لا، لأن الرجل لم يكره نعمة الله عزّ وجل على هذا العبد،لكن أحب أن يفوقه، وهذا شيء طبيعي،
ولذلك لما ألقى النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه السؤال: أن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن،
كلهم لم يعرفوها، ذكروا أشياء من الشجر لكنها لم تكن إياه،
وابن عمر رضي الله عنهما يقول:وقع في قلبي أنها النخلة،ولكني أصغر القوم فلم أتكلم،
قال أبوه:وددت أنك قلت هذا،لأنه إذا قالها تفوق على الحاضرين.

فإن وقع في قلبه حسد لشخص ولكنه يدافعه ولم يعتد على الشخص، فهل يؤاخذ به؟

الجواب:لا يؤاخذ،لكنه ليس في حال الكمال،
لأن حال الكمال أن لا تحسد أحداً،وأن ترى نعمة الله عزّ وجل على غيرك كنعمته عليك،لكن الإنسان بشر قد يقع في قلبه أن يكره ما أنعم الله به على هذا الشخص من علم أو مال أو جاه أو ما أشبه ذلك،لكنه لا يتحرك ولا يسعى لإضرار هذا المحسود،

فنقول: هذا ليس عليه شيء،لأن هذا أمر قد يصعب التخلص منه، إلا أنه لو لم يكن متصفاً به لكان أكمل وأطيب للقلب،
وفي الحديث إِذَا ظَنَنتَ فَلاَ تُحَقق، وَإِذَا حَسَدتَ فَلاَ تَبغِ **

فمن الناس من إذا حسد بغى فتجده مثلاً يتكلم في الشخص المرموق عند الناس الذي يعتبر رمزاً للإنفاق في سبيل الله وفي الصدقات، ثم يأخذ بمدحه ويقول:لكنه يتعامل بالربا، فإذا قال هذه الكلمة معناها أنه أهبط ميزانه عند الناس، وهذا حسد ببغي والعياذ بالله.

وكذلك مع العلماء، وأكثر ما يكون الحسد بين المتفقين في مهنة، كالحسد بين العلماء، والحسد بين التجار،والحسد بين أهل الصنائع،هذا الغالب ،وإلا فمن المعلوم أنه لا يأتي نجار مثلاً يحسد عالماً.

والحسد على مراتب :

الأولى: أن يتمنى أن يفوق غيره، فهذا جائز، بل وليس بحسد.

الثانية:أن يكره نعمة الله عزّ وجل على غيره،ولكن لا يسعى في تنزيل مرتبة الذي أنعم الله عزّ وجل عليه ويدافع الحسد، فهذا لا يضره،ولكن غيره أكمل منه.

الثالثة:أن يقع في قلبه الحسد ويسعى في تنزيل مرتبة الذي حسده، فهذا هو الحسد المحرم الذي يؤاخذ عليه الإنسان.

والحسد من خصال اليهود،كما قال الله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )(البقرة: الآية109)

قال الله تعالى في ذمهم )أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (النساء:54)
والحسد يضر صاحبه لأن الحاسد لا يبقى مسروراً- والعياذ بالله- إذ إن نعم الله على العباد تترى ولا منتهى لها، وهذا الرجل كلما رأى نعمة من الله على غيره زاد غماً وهماً.

والحسد اعتراض على قدر الله عزّ وجل لأنه يريد أن يتغير المقدور،ولله الحكمة فيما قدره.

والحسد في الغالب تحدث فيه معاصٍ:كالعدوان على الغير، والمخاصمة، ونشر المعائب وغير ذلك، ولهذا يجب على المسلم أن يتجنبه كما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .
أضف رد جديد

العودة إلى ”مما أعجبني Liked & الاقتراحات“