الأمن الغذائي في مطحنة الدقيق وتقييم المخاطر
كريسا كارغيوتو - عالمة غذائيات
رابط الموضوع :http://millerarabic.com/الأمن-الغذائي-في-مطحنة-الدقيق-وتقييم-ا.html
«تسمح نتائج تقييم المخاطر باتخاذ قرار حول كيفية إدارة المخاطر المحددة الخاصة بكل منشأة. لأن عملية تقييم المخاطر تجري للتأكد من أن مديري المخاطر يدركون أن استراتيجيات التدخل يمكن أن تخدم بشكل أفضل متطلبات الأمن الغذائي، أو فيما إذا كانت إجراءات إدارة المخاطر الحالية كافية أم لا. يجب التحقق من أن أي خطر يتم تحديده على أنه «عالي» أو «عالي جداً» يتم تقليله من قبل مديري المخاطر.»
مع تطور تكنولوجيا الغذائيات وأنظمة الإنتاج، زادت وعولمة سوق المواد الغذائية فيما يتعلق بازدياد الأمراض الناجمة عن المواد الغذائية والمخاوف الصحية المتزايدة حول العالم، وازدادت صعوبة إدارة مخاطر الأمن الغذائي. إن إدارة المخاطر الناجمة عن الأخطار الناتجة عن المواد الغذائية بفعالية هي عملية معقدة من الناحية الفنية. وفي الأساس، كانت الصناعة نفسها هي المسؤولة عن هذه العملية. وكانت الصناعة تعمل ضمن إطار سلسلة من تدابير الرقابة على نظافة الأغذية ضمن الإطار التنظيمي العام.
إن النهج “القائم على المخاطر” هو طريقة لتقييم والتحكم بالأخطار المتعلقة بالمواد الغذائية من أجل المساعدة في حماية صحة المستهلكين، وضمان تطبيق ممارسات عادلة في تجارة المواد الغذائية. وتتألف عملية تحليل المخاطر من ثلاثة أقسام:
1) تقييم المخاطر
2) إدارة المخاطر
3) التواصل بشأن المخاطر
سنركز في هذه المقالة علة القسم الأول فقط من “النهج القائم على المخاطر” وهو: تقييم المخاطر.
1)عملية تقييم المخاطر
تُستخدم عملية تقييم المخاطر من أجل دراسة المخاطر الناجمة عن المواد الغذائية واحتمالات التعرض لهذه المخاطر وتأثيرات ذلك على صحة الناس، بالأخذ بعين الاعتبار ممارسات الإنتاج والتخزين والمناولة ذات الصلة والمستخدمة في السلسلة الغذائية. وتتألف هذه العملية بشكل عام من أربعة أجزاء:
مخطط مكونات تحليل المخاطر وفقاً لتعاريف هيئة معايير الأغذية
• توصيف المخاطر
هي المواد البيولوجية والكيميائية والفيزيائية التي تسبب آثار صحية ضارة، وقد تكون موجودة في مواد غذائية معينة أو في فئة معينة من المواد الغذائية. وغالباً ما تكون عملية توصيف المخاطر عملية نوعية. فمن الممكن الحصول على معلومات تتعلق بالمخاطر من الدراسات العلمية، ومن قواعد بيانات متنوعة، ومن الخبراء. ويتم الحصول على هذه المعلومات من الأبحاث الرئيسية، والدراسات السريرية، ومن بيانات دراسات الأوبئة وملاحظاتها.
• تقييم درجة التعرض
وهو التقييم النوعي و/أو الكمي لاستهلاك المواد البيولوجية والكيميائية والفيزيائية المحتملة عن طريق الغذاء.
• تشخيص الأخطار
هي عملية تقييم نوعي و/أو كمي لطبيعة الآثار الصحية الضارة المرتبطة بالمخاطر. وتستند إلى العلاقة بين الجرعة والاستجابة وهي المكون الرئيسي في عملية توصيف المخاطر. وتُعرف على أنها تحديد العلاقة بين حجم التعرض إلى هذا العامل الكيميائي أو البيولوجي أو الفيزيائي وبين شدة و/أو عدد مرات التأثير الضار على الصحة.
• تشخيص المخاطر
يتم إجراء تشخيص المخاطر وتوصيفها وتقييم مستوى التعرض لها من أجل إعطاء تقديرات نوعية وكمية عن الآثار الضارة المحتملة ومدى خطورتها والتي قد تحدث في كتلة معينة. ستكون درجة الثقة في التقدير النهائي للمخاطر مرتبطة بدرجة التباين وعدم اليقين والافتراضات الموصفة في الخطوات السابقة في تقييم المخاطر.
تقييم المخاطر في مطحنة الدقيق
لم تكن المأكولات والمكونات منخفضة الرطوبة، كالدقيق مثلاً، على قائمة مناقشات الأمن الغذائي. لأنه لا يمكن في الأساس توفير بيئات لهذه المنتجات يمكن أن تنمو فيه الكائنات الحية الدقيقة. لكن، الأوبئة الناجمة عن المواد الغذائية بين الدقيق ومنتجات الدقيق تشارك في العديد من حوادث الأمن الغذائي.
تسببت هذه الحوادث في انعدام الثقة لدى المستهلك، وأظهرت أن مخاطر الأمن الغذائي المتعلقة بالدقيق هي حقيقية ويجب تحليلها ومعالجتها. ويُعتبر تقييم المخاطر الخطوة الأولى في تحليل المخاطر. يساعد ذلك على تحديد مستوى المخاطر بالنسبة لمصنع الدقيق، ويوفر معلومات كاملة لفريق الأمن الغذائي لضمان اتخاذ أفضل القرارات الممكنة. ويجب هنا الإجابة على ثلاث أسئلة أساسية وبسيطة:
1. ما الخطأ الذي قد يحدث؟—> توصيف الخطر
2. ما هو احتمال ظهور هذا الخطر؟—> تقييم درجة التعرض للخطر
3. إذا ظهر هذا الخطر، فما مدى الضرر الذي ستكون عليه الآثار الصحية الضارة؟—> تشخيص الخطر
لذلك، يجب إجراء تقييم للمخاطر مدعم بالوثائق، ويجب الإجابة على هذه الأسئلة الثلاث من أجل أي حالة قد تؤثر بشكل مباشر على جميع المكونات والمواد الخام والتعبئة والتغليف والمنتجات المصنعة وعمليات الإنتاج، وأمن وسلامة الدقيق ضمن إطار النشاطات التي قد تفتح المجال أمام زيادة المخاطر الصحية. إن الأخطار التي تعتبر بمثابة مخاطر على سلامة الأغذية في إنتاج الدقيق كثيرة للغاية ويمكن تصنيفها بشكل أساسي على أنها فيزيائية وبيولوجية وكيميائية.
كشفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عن المخاطر البيولوجية المحتملة المرتبطة بالدقيق في وثيقة مؤرخة بعام 2014 بعنوان “تحليل المخاطر على المواد الغذائية البشرية والضوابط الوقائية القائمة على المخاطر: مسودة إرشادات للصناعة”. إن المخاطر البيولوجية ذات الأهمية الكبيرة لسلامة الطحين غير تلك المذكورة في هذه الوثيقة هي الفطريات والحشرات والمياه الملوثة بيولوجياً. حيث يؤدي نمو الفطر إلى تدهور في جودة الدقيق، بالإضافة إلى إنتاج السموم الفطرية للمركبات السامة ذات المقاومة العالية للحرارة. على سبيل المثال، Aspergillus spp. وPenicillium spp. في حين أنه يمكن أن ينتج الأفلاتوكسين كمنتج ثانوي، يمكن أن يؤدي Fusarium graminearum إلى deoxynvalenol (DON، نوع vomitoxin) وإنتاج zearalenone. ينمو الفطر على الحبوب في الحقول أو في مكان التخزين، ويمكن أن تنتقل السموم الفطرية (عند ظهورها) إلى الدقيق بعد الطحن. من ناحية أخرى، تهدد الحشرات الفقارية والجرذان والطيور سلامة الدقيق عن طريق تلويث الدقيق بالكائنات الحية الدقيقة والطفيليات. بينما توجد القوارض في مطاحن الدقيق والمناطق المحيطة بها، ويمكن العثور على الطيور في أي مطحنة تقريباً، ويمكنها بسهولة تلويث منطقة الاستقبال والمناطق الأخرى، وغالباً ما يكون ذلك مع البراز الذي يحتوي على السالمونيلا. يمكن أن يتلامس الماء مع الحبوب عند نقطتين: أثناء الري في الحقل وأثناء ترطيب الحبوب قبل الطحن في الطاحونة. في كلتا الحالتين، إذا كان الماء يحتوي على مخاطر بيولوجية (ومخاطر كيميائية)، فقد يلوث الحبوب والدقيق.
إذا تحدثنا عن المخاطر الكيميائية، فإن السموم الفطرية المذكورة أعلاه هي عامل خطر هام فيما يتعلق بالحبوب. المخاطر الكيميائية المتعلقة بالمكونات الأخرى هي كما يلي:
1) بقايا المبيدات والمعادن الثقيلة
2) المخاطر الإشعاعية في المكونات من المناطق القريبة من الحوادث النووية
3) المكونات الملوثة بمسببات الحساسية الغذائية
4) قلويات الأعشاب
5) التغليف والنقل بواسطة مواد كيماوية.
»» سلسلة التوريد: من الحبوب إلى الدقيق
من دواعي القلق الشائعة للمخاطر الكيميائية المتعلقة بالعملية هي مسببات الحساسية الغذائية غير المصرح عنها بسبب وضع ملصقات غير صحيحة أو التماس المتقاطع. الحالات العامة الأخرى ذات الصلة بالعملية هي كما يلي:
1- الإضافة غير المناسبة، أو التحصينات غير المناسبة، أو المواد المضافة الأخرى .
2- التلوث بالمنظفات أو المطهرات .
3- استخدام المياه الملوثة .
4- فطريات، مبيدات حشرية، سم الحشرات ومخلفات مواد التشحيم.
أما المخاطر الفيزيائية فهي تشمل جميع الأجسام الغريبة مثل العصي، الأحجار، الرمل، الزجاج، البلاستيك، المعادن، الحشرات، الصفائح المعدنية، التلوث، الخشب، الطلاء وغيرها. غالباً ما تكون الأجسام الغريبة ناتجة عن التصميم السيء أو المباني أو التجهيزات المختارة. في حالات أخرى، تظهر مواد غريبة نتيجة للتدابير الوقائية غير المكتملة مثل استبعاد الآفات وإدارة الآفات والتنظيف والصيانة. وأخيراً، ينبغي أيضاً مراعاة المخاطر المتعلقة بالغش المستند إلى أسباب اقتصادية.
بعد توصيف المخاطر التي تدعو إلى القلق، يجب على المدراء أن يشخصوا الخطر المتعلق بكل مرحلة، تقييم درجة التعرض (ما هو احتمال ذلك؟)، وتشخيص المخاطر (ما هي درجة خطورتها؟). يمكن إجراء تقييم كمي للمخاطر من أجل تشخيص المخاطر. هنا، تُعطى قيم عددية حسب شدة واحتمالية الحدوث، وتنتج قيمة خطر ما بضرب هذه القيم معاً. وكبديل لذلك، يمكن اختيار نهج نوعي باستخدام مصفوفة تقييم المخاطر التي اقترحتها منظمة الأغذية والزراعة FAO/منظمة الصحة العالمية WHO.
»» نتائج تقييم المخاطر
إن تشخيص المخاطر هو الخطوة النهائية في عملية تقييم المخاطر. حيث تسمح نتائج تقييم المخاطر باتخاذ قرار حول كيفية إدارة المخاطر المحددة الخاصة بكل منشأة. لأن عملية تقييم المخاطر تجري للتأكد من أن مديري المخاطر يدركون أن استراتيجيات التدخل يمكن أن تخدم بشكل أفضل متطلبات الأمن الغذائي، أو فيما إذا كانت إجراءات إدارة المخاطر الحالية كافية أم لا. يجب التحقق من أن أي خطر يتم تحديده على أنه “عالي” أو “عالي جداً” يتم تقليله من قبل مديري المخاطر. في الختام، يتعلق تقييم المخاطر وإدارة المخاطر باختيار الطريقة الأفضل للحد من المخاطر وحماية الصحة العامة.