مخاطر الاعتماد على استيراد القمح-2- / أ .د محمد هاشم عبد البارى

يختص بالمواضيع و المجالات التى تختص بعلم الطحن وفنياته والجودة وتقنياتها والتى ليس لها تصنيف ، مواضيع عامه فى الطحن General Posts in Milling Techniques , Milling Arts , quality techniques - مواضيع عامه فى تكنولوجيا الطحن و الجودة
أضف رد جديد
Osama Badr
مؤسس المنتدى
مشاركات: 8628
اشترك في: الخميس مايو 03, 2018 2:46 pm
اتصال:

مخاطر الاعتماد على استيراد القمح-2- / أ .د محمد هاشم عبد البارى

مشاركة بواسطة Osama Badr »



مخاطر الاعتماد على استيراد القمح-2- / أ .د محمد هاشم عبد البارى
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّ هذه المحاضرة التي ألقيتها في مؤتمر "إنتاج القمح وأزمة رغيف الخبز" الذي عقدته نقابة الزراعيين بالإسكندرية منذ نحو خمس سنوات لم تكن موجّهة إلى المسئولين في مصر فحسب وإنما كان مقصود بها كل المسئولين عن الإنتاج الزراعي والأمان الغذائي في كل قطر عربي وكل قطر اسلامى على نطاق العالم ليتحملوا مسئولياتهم أمام الله وأمام شعوبهم.


اننى أعيد الآن نشر المحاضرة في صورة الكترونية بعد أن تأكدت أكثر التنبؤات التي وردت بها فعلى سبيل المثال لا الحصر حظرت روسيا تصدير القمح للهبوط الشديد في إنتاجها من القمح بسبب التغيرات المناخية غير الملائمة. وقد دخل قرار الحظرحيّز التنفيذ فى 15 أغسطس عام 2010 ، وكان القرار قد صدر نتيجة موجة الحر التي ضربت روسيا و ما نجم عنها من حرائق دمرت ما يقرب من ثلث إنتاج القمح الروسي لذلك العام. انّ مصر هي السوق الأكبر للقمح الروسى، تليها تركيا وسورية وإيران ثم ليبيا.


وقال مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكى «ستراتفور» فى 29 أكتوبر 2012 إنّ قرار حظر أوكرانيا لتصدير القمح اعتبارا من 15 نوفمبر 2012، سيؤثر على الدول التى تعتمد على استيراد القمح، خصوصا مصر التى ستجتاحها حالة من عدم الاستقرار، وإن هذا الحظر سيؤدى إلى زيادة أسعار القمح وتقليص عدد الدول المصدرة له، مما يترتب عليه ارتفاع سعر رغيف العيش وتصاعد حدة الاضطرابات الاجتماعية التى ستشكل قوة ضغط كبيرة على الحكومة. وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إنّ أسعار القمح الفرنسى زادت نحو 14 دولارا للطن المترى الواحد فوق القمح الأمريكى، الذى يتم تداوله عادة بمعدل أعلى، ومع ذلك زادت أسعار القمح الأمريكى ردا على حظر أوكرانيا المعلن، وزادت العقود الآجلة للقمح فى مجلس شيكاغو للتجارة يوم 24 أكتوبر 2012 بنسبة 1.8%، أى بمقدار 324 دولارا للطن المترى الواحد، وأصبح القمح من أمريكا الجنوبية هو الخيار الأخير لمصر، وأنها تتاجر عادة بسعر أقل من كل من أوروبا والولايات المتحدة، لكن الإمدادات من أمريكا الجنوبية أثبتت أنه لا يمكن الاعتماد عليها. كل ذلك بعض من مثل واحد مما تنبأت به فى تلك المحاضرة.

اننى أقول انّ الخيار الأخير والوحيد لمصر هو زيادة الانتاج من قمحها بالتوسّع الأفقى والتوسّع الرأسى فى زراعته لتقليص الاعتماد على استيراد القمح من الخارج.

لقد سبق أن نشرت تلك المحاضرة كمرفق في مجموعة "بيت عطاء الخير" البريدية الموقرة، وهى أكبر مجموعة بريدية فى العالم العربى، وهأنذا أشدد هنا مرة أخرى على كل ما تضمنته تلك المحاضرة وأضعها بين أيدي كل من له صلة بإنتاج وتخزين القمح والحبوب سائلا المولى تبارك وتعالى التوفيق والسداد والرشاد والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.
12 مارس 2013
*******
مخاطر الاعتماد على استيراد القمح

مؤتمر " إنتاج القمح.. وأزمة رغيف الخبز " – نقابة الزراعيين بالإسكندرية – 24 مايو 2008

الأستاذ الدكتور / محمد هاشم عبد الباري
أستاذ الحشرات الإقتصادية
كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية
Prof.m.hashem@gmail.com



2
صورة
مخاطر فساد القمح والحبوب المستوردة بالحشرات والفطريات
تعتبر الحشرات سببا رئيسا للخسائر في القمح والحبوب الأخرى المخزونة، فهى تقوم من خلال وضع البيض والتغذية بتدمير الحبوب، وتعمل كناقلات لنشر كثير من أنواع الكائنات الدقيقة كالفطريات والجراثيم والسموم الفطرية، وهى تلوث الحبوب أيضا بافرازتها وفضلاتها وأجسامها الميتة.

وتعانى محاصيل الحبوب الزراعية سلسلة من العمليات المتتالية مثل الحصاد،والدراس، والتذرية، والفرز الى درجات أو رتب، والتعبئة، والنقل، والتخزين، قبل وصولها الى المستهلك. وهناك خسائر معتبرة فى كل مرحلة من تلك المراحل. انّ أكثر تلك الخطوات أهمية من الناحية الاقتصادية فى تلك المحاصيل مثل القمح هى مرحلة تخزين الحبوب المنتجة. ويلاحظ الفقد فى انتاج القمح بصفة عامة عند الخطوات المختلفة مثل الدراس والنقل والتخزين. وكذلك يؤدى هجوم القوارض والطيور الى خسائر فى انتاج الحبوب. وتعود الخسائر خلال التخزين بصفة رئيسة الى هجوم آفات التخزين الحشرية وفقد الرطوبة التى فى الحبوب، والاصابة بالفطريات، وهجوم الفئران، وتبعثر الحبوب بالانسكاب.
انّ حشرات التخزين غالبا ما تسبب خسائر من الفداحة ما تضارع الخسائر الناجمة عن الآفات الحقلية خلال موسم الزراعة قبل الحصاد، فنحن لا نأكل الا ما يفيض عن حاجات الحشرات والطيور والقوارض والفطريات وما يتفضلون به علينا!

انّ حشرات الحبوب المخزّنة مثل القمح كبيرة التنوّع، فهناك ما يزيد عن 600 نوع من الخنافس والسوس والفراشات والصراصير وقمل الكتب والنمل الأبيض وحشرات السمك الفضى فضلا عن الأكاروسات (الحلم) تهاجم الحبوب. ولكن الأنواع التى تجتاح الحبوب بشكل وبائى فى حدود 60 نوع. وتحدث الخسائر فى الحبوب جرّاء اجتياح تلك الحشرات عن طريقين:
1- التلف بالتغذية المباشرة يؤدى الى خفض كل من الوزن، والقيمة
الغذائية، وانبات الحبوب، والقيمة السوقية.
2- الفساد والتلف الناجم عن وجود الحشرات يؤدى الى خفض درجة
الحبوب كالقمح، وخفض القيمة السوقية، ووجود الروائح غير المرغوبة، والعفن، والتلف بالحرارة االمتولدة من نشاط الحشرات فى الحبوب.

فعلى سبيل المثال تعتبر تعليمات المكتب الفيدرالى لمعاينة الحبوب - والذى يحدد درجات أو رتب الحبوب فى الولايات التحدة- أن القمح يأخذ رتبة "مسّوس" اذا وجد فى الكيلوجرام من العينة الممثلة للقمح أكثر من سوسة واحدة حية (سوس من جنس سيتوفيلاس" أو من خنفساء "رايزوبيرثا دومينيكا" مثلا)، أو اذا وجدت سوسة واحدة حية + حشرة واحدة حية من أى من حشرات الحبوب المخزونة الأخرى، أو اذا لم يوجد سوس حىّ ولكن توجد حشرتان حيّتان أو أكثر من حشرات الحبوب المخزونة الأخرى.

انّ متوسط الفقد فى وزن حبة القمح المصابة يبلغ 20% خلال نمو يرقة سوسة "سيتوفيلاس أورايزى" داخل الحبة حتى اكتمال نمو اليرقة - فى غضون خمسة أسابيع - وحتى تخرج السوسة الناتجة منها الى خارج الحبة، وفضلا عن ذلك تعيش تلك السوسة نحو 7 الى 8 شهور تتغذى خلالها على الحبوب أيضا!

من ناحية أخرى يعتبر التلوث بافرازات بعض أنواع من حشرات المخازن – مثل خنافس الدقيق التابعة لعائلة حشرات Tenebrionidae – يعتبر هو المشكلة الرئيسية للإصابة أكثر منه الفقد في الوزن ، حيث تتعرض الحبوب ومنتاجاتها مثل الدقيق لمركبات الكينون Quinons التي تطلقها تلك الحشرات، وهي افرازات دفاعية في صورة سوائل لاذعة ومهيَجة. ولايقل عدد هذه المركبات عن 13 مركب مختلف للحشرة الواحدة، وهي تعطي الحبوب والدقيق رائحة مميزة نفاذة، وتسبب أوراما فى الكبد والطحال للفئران وغيرها مع حدوث طفرات. ولم يتم دراسة تلك التأثيرات في الإنسان بصورة واضحة بالرغم من أنه معروف أنّ هذه المواد تسبب له الصفراء والأنيميا والهزال والبول المدمم. فضلا عن ذلك فان لتلك المركبات تأثير سلبى على الصفات التكنولوجية للعجين الناتج من القمح والدقيق المصابين، حيث تقل مطاطيتة ويتقطع أثناء التخمر ويتفتت الخبز الناتج منه، ويكون ذو رائحة نفاذة ولون داكن، لأن هذه الافرازات تغير لون الدقيق من الأبيض إلى القرنفلي. ولاتتأثر تلك الافرازات بحرارة الخبيز، فتبقى فعالة وشديدة الضرر حتى في المخبوزات نفسها.


صورة
خنفساء "تريبوليام كاستانيام Tribolium castaneum" المسئولة، هى وأنواع أخرى من عائلتها، عن اطلاق مركبات البنزوكينون النفّاذة المسرطنة فى المواد الغذائية التى تصيبها. الصورة توضح أطوار الحشرة التى توجد فى الدقيق وبين الحبوب وغيرها، وهى من أعلى الى أسفل: اليرقة (A) التى تتحول بعد تمام التغذية والنمو الى عذراء أو خادرة ساكنة لا تتغذى وبدون شرنقة (B)، ثم يخرج منها الخنفساء اليافعة (C) والتى تتغذى وتعيش لمدة تصل الى 3 سنوات تضع الأنثى خلالها نحو 350 بيضة. فضلا عن الحبوب والدقيق فهى تهاجم الأغذية المصنعة من الحبوب والألبان المجففة والمكسرات والمواد الغذائية المجففة والتوابل وغيرها.

وحتى وجود الحشرات وحدها في الحبوب ذات الرطوبة المناسبة للتخزين يؤدي إلى رفع مستوى الرطوبة ودرجة حرارة الحبوب من خلال أنشطة الحشرات مما يجعلها مناسبة للنموات الفطرية.

وتعتبر العلاقة بين الحشرات والفطريات والبكتريا في النظام البيئي للحبوب المخزونة علاقة حميمة ومعقدة، فتعمل مخلفات الحشرات المتغذية على الحبوب ليس فقط كمصدر للتلوث ولكنها توفر أيضا الغذاء للنمو البكتيري. إنّ فهم هذة العلاقة من ناحية تلف وفساد الحبوب لن يساعد على خفض الخسائر الإقتصادية فحسب، وإنما يمكن أن يساعد كذلك على تفادي مخاطر محتملة على صحة الإنسان والحيوان المستهلك. ولذلك فإن استخدام هذه الحبوب المصابة كغذاء للإنسان يكون مصدرا للمشاكل الناجمة عن تلوث المنتجات بأجسام الحشرات وفضلاتها. وكذلك فإن استخدام الحبوب المصابة لتغذية حيوانات المزرعة قد يكون أحد الخيارات في بعض الأحيان، ولكن هناك فاقد اقتصادي لا يمكن تعويضه، والذي يحدث بسبب نقص كمية الحبوب و/ أو تقليل اختبار الوزن ( خفض الوزن لكل أردب).
صورة
صورة

سوسة "سيتوفيلاس أوريزى Sytophilus oryzae" المدمرة للحبوب. لا يُرى من أطوارها خارج الحبوب الا السوسة اليافعة (الصورة العلوية). أما طورى اليرقة والعذراء فيكونان مختفيان تماما بداخل الحبوب المصابة، ثم تفسق السوسة اليافعة من العذراء وتنخرمن الداخل الى الخارج لتفتح ثقبا فى الحبة تخرج منه الى العالم خارج الحبة وكأنها ولدت من جديد. وتعيش السوسة اليافعة نحو 8 شهور بين الحبوب حيث تستأنف التغذية. توضح الصورة السفلية مراحل نمو اليرقة (c-a) بتغذيته على محتويات الحبة من الداخل، وطور العذراء (d) بالتصوير بأشعة اكس. عفوا! لسنا نحن البشر وحدنا الذين يطلب منا الأطباء أشعة اكس أو الأشعة المقطعية أو أشعة الرنين المغناطيسى فها هى حبوب القمح اشتكت فطُلب منها أشعة اكس. فلا داع لغرورنا ولا لغرور أطبائنا "العظام"!

وبالإضافة إلى زيادة الخسائر الناجمة عن خفض القيمة التسويقية عند البيع ، فإن الحشرات التي تتغذى على الحبوب فضلا عن أنها تعمل على زيادة نمو الفطريات والعفن كما سبق ، فإنها تعمل على زيادة كمية المواد الدقيقية التي تنتج عن تغذيتها، فتعمل على إعاقة عملية التحكم في درجات الحرارة وإعاقة عملية التهوية وتقلل من كفاءة عملية مكافحة الحشرات بالتبخير إذا لزم الأمر، وربما الفشل في مكافحة تلك الآفات.
صورة
صورة

خنفساء "ريزوبيرثا دومينيكا Rhizopertha dominica" المدمرة للحبوب، وهى تفرّغ الحبوب مثل القمح تماما من محتوياتها وتتركها قشورا فارغة. لا يظهر من أطوارها بين الحبوب الا طور الخنفساء اليافعة (أعلى)، ولكن طورى اليرقة (أسفل) والعذراء يكونان مختفيان تماما داخل الحبة المصابة التى تبدو سليمة ظاهريا قبل تكوين الخنفساء اليافعة من طور العذراء وخروجها من الحبة.
صورة

لا تعتقد أننا وحدنا أصحاب المزاج ونحب التسالى والقزقزة! فترى هنا يرقات دودة الدقيق الهندية "بلوديا انتربنكتيللا Plodia interpunctella" وهى تتسلى على الكاجو!
أنت لا تستطيع تذوقه الا اذا كنت تمتلك 80 جنيها للكيلوجرام ولكنها تصل اليه بسهولة ومجانا. انها آفة جبارة على الدقيق ومنتجات الحبوب، وتوجدعلى الحبوب لتتغذى على المواد الدقيقية المتساقطة من نخر السوس والخنافس المدمرة للحبوب. ولكن لا تنسى أنها من أشد الآفات على المكسرات والفواكه والخضروات المجففة ولكنها لا تصوم فى رمضان، بل تصوم فى كل جيل من أجيالها فى طور الخادرة (العذراء). انّ التمر الذى يصلك فى رمضان ما هو الا ما زاد عن حاجتها هى ومثيلاتها من الحشرات والذى نجا من تذوّقها له. أنظر كيف حولت الكاجو الى كميات من البراز الحبيبى الذى يبدو وكأنه بيض حشرات!

صورة

نهاية مأساوية حقا لمخزون القمح عندما يبتلى بالرطوبة وبالحشرات والفطريات. كل أجولة الرصات سحقت حبوبها الى دقيق وخرّت الى أكوام من المسحوق وفرغت تماما من محتوياتها ثم تعفنت ثم احترقت. أحيانا كما هو واضح تلتهب الأجولة وتشتعل فيها النار، وتتحول الحبوب الى كتل متماسكة من شدة الحرارة من زيادة أنشطة الحشرات والفطريات وتنفسها الذى يرفع حرارة الحبوب. انّ الحبوب كائنات حية مثلنا والحشرات والفطريات كذلك كلها تتنفس ولكنها لا تدخن مثلنا، فما تراه فى الصورة ليس بفعل أعقاب سجايرمشتعلة ألقتها حشرات الحبوب!

صورة

غالبا ما يكون غبار الحبوب كالدقيق المتساقط من الحبوب. انّ سبب ذلك أنّ السوس والخنافس المدمرة للحبوب تخترقها فى طور اليرقة بمجرد فقسها من البيض وتفتح ثقبا صغيرا فى كل حبة مصابة وتحيلها الى دقيق. وهكذا فان حمولة الحبوب تكون غبارية الى حد كبير، وتنخفض القيمة الغذائية للحبوب انخفاضا شديدا. ويحوى غبار الحبوب أجزاء الحشرات الميتة والأكاروسات الميتة وجلود انسلاخاتهم وبرازهم. أجسام أكاروس الحبوب الميتة وبرازه تسبب الحساسية والربو الشعبى عندما تدخل المجارى التنفسية بالاستنشاق.

وتفرز فطريات العفن التي تنمو على الحبوب الرطبة أو التي ساء تخزينها سموما تسمى الميكوتوكسينات Mycotoxins كنواتج ثانوية لنموها. والميكوتوكسينات مركبات كميائية يوجد منها الكثير، وكل نوع من الفطريات ينتج أنواعا محددة من تلك المركبات، ولكن قليل منها هى التي تفرز بصفة منتظمة في الغذاء وفي علائق الحيوانات كالحبوب والبذور. ورغم قلتها فإن لتلك التوكسينات تأثيرات شديدة الخطورة على صحة الإنسان والحيوانات الزراعية، وهى ترتبط بالمحاصيل المريضة أو المتعفنة. وقد يكون تأثير بعض الميكوتوكسينات المحمولة على الغذاء حادا فتظهر أعراض المرض الشديد سريعا جدا. وقد يكون لبعضها الآخر تأثيرات مرضية مزمنة وتراكمية على الصحة تستغرق زمنا أطول، منها تشجيع السرطان ونقص المناعة. ولا تزال المعلومات عن الميكوتوكسينات المحمولة على الغذاء بعيدة عن الاكتمال، ولكن هناك ما يكفي لتصنيفها كمشكلة شديدة الخطورة فى مناطق كثيرة من العالم حيث تسبب خسائر اقتصادية فادحة. ومن تلك الميكوتوسكينات سم الأوكراتوكسين أ (Ochratoxin A)، وهو مسرطن لحيوانات التجارب المعملية والخنازير، وينتج من فطر"أسبرجيللاس أوكراسياس Aspergellus ochraceus"وينتج أيضا من فطر البنسليوم في القمح والشعير والحبوب الأخرى. ومنها سم "الفيومونيزين ب 1(Fumonisin B1)، وينتجه فطر "الفيوزاريوم مونيليفورم Fusarium moniliform " في الأذرة، وهو سام وقاتل للخيول. وهناك سموم "الزيرالينون"Zearalenone التى تفرز من بعض فطريات الفيوزاريام في القمح والأذرة، وهي عامل مسرطن للإنسان وتؤثر في الجهاز التناسلى لإناث الخنازير. و"الأفلاتوكسينات Aflatoxins" سموم تطلقها بعض سلالات فطريات الاسبرجيلاس Aspergillus، ويؤدى استهلاك كميات ضئيلة من تلك السموم إلى الموت خلال 24 ساعة. وقد صنعت الافلاتوكسينات لنفسها اسما فى عام 1960عندما قتلت 100,000 ديكا روميا في بريطانيا بسبب أكل الفول السوداني العفن، وهي قادرة على احداث السرطان في الفئران والعضو المستهدف الرئيسي هو الكبد بقتل خلاياه. إنّ الذرة التي تحتوى على مستويات 20 جزء في البليون (20 جم في الألف طن) أو أعلى لا يمكن السماح ببيعها تجاريا بين الولايات المختلفة في أمريكا، ولايسمح مطلقا باعطائها للدواجن أوحيوانات المزرعة ولا للخنازير فضلا عن الحيوانات المنتجة للألبان، ولايسمح بالطبع بطحنها أو تصنيعها للاستهاك الآدمي. هذا ولايزال هناك الكثير الذي يمكن قوله عن سموم فطريات أعفان الحبوب مما لايتسع له المقام .
صورة
صورة

نموات فطريات العفن الأسود على كل من حبوب الذرة وشريحة خبز وكليهما لا يصلح ولا يصح استعماله فى التغذية الانسانيىة أو الحيوانية، فهذه النموات تحتوى على جرائيم الفطر وسمومها (الميكوتوكسينات). ويتسبب التسمم الغذائى عن كائنات دقيقة مختلفة. ويمكن للعفن أن يجعل الشخص حساسا للأعفان. وفى العادة، ورغم ذلك، فان الأعراض الرئيسة من أكل الغذاء العفن ستكون غثيانا وقيئا من الطعم السىء ورائحة عفن الغذاء. انّ العفن على منتجات الحبوب هو الأسوأ مثل الخبز العفن والكعك العفن..الخ، فينبغى التخلص منها فى الزبالة.
ولكنّ الأمر لا يقف عند الخبز والكعك، فأنت مطالب بأن تلقى فى الزبالة أطعمة أخرى اذا رأيت فيها عفنا منها: ثمار الفواكه الصغيرة مثل الأعناب والفراولة، وثمار البطيخ والشمام والكنتالوب وغيرها، وثمار الخوخيات مثل الخوخ والمشمش والبرقوق، والأجبان الطرية والزبادى، واللحوم، والمكسرات ومنتجاتها، ومتخلفات الطعام!
ولا يمكن أن أطيعك بأكل الطعام العفن حتى بعد قطع الأجزاء المتعفنة، انّ سطح العفن هو فى الواقع أكبر مما تراه أنت. انه فى الحقيقة له هيْفات أو جذور يمكنها أن تنفذ الى أعماق أكبر داخل الغذاء دون أن تراها.
انّ الأمر يتوقف على نوع عفن الخبز، فالبعض غير ضار والبعض الآخر غير مستساغ فى الأكل ويمكنه أن يدفعك الى القائه بعيدا على الفور والبعض يكون ساما ويبتليك بمرض شديد والعياذ بالله (بالرغم من عدم وجود دليل علمى بأن عفن الخبز قد قتل من قبل أى شخص بطريقة مباشرة، ولكننى لا أنصحك بأن تقوم بتجربة!).
انّ أفضل طريقة للتصرف فى الخبز هو أن تُبقى الكمية التى تحتاجها فقط للطعام على درجة حرارة الغرفة لاستهلاكها قبل ظهور العفن. أما الباقى فيمكنك أن تجمده فى مجمّد الثلاجة أو فى المجمّد العميق، وعندما تحتاج فكك الجزء المراد ولكن داخل كيس بلاستيك مقفل. منتجات الخبز مثل الكعك لا تبرّدها فى الثلاجة لسبب بسيط هو أنها سوف تصبح كالبائتة، ولو اننى أضع مثل تلك المنتجات فى الثلاجة فى الكلية لفترات تصل الى أسابيع ولكن داخل كيس بلاستيك محكم الغلق دون أن تتزنخ الزيوت التى بها، وأتركها حتى تصبح على درجة حرارة الغرفة قبل تناولها. أتحب أن تجرّب؟!

وهناك ما يربو على 200 نوع من الميكوتوكسينات (السموم الفطرية أو سموم العفن) المعروفة بالفعل، وعلى كل حال فانّ دراسة الميكوتوكسينات وآثارها الصحية على الانسان تعتبر لا تزال فى المهد فلم يتعلم الانسات كيف يكتشف سموم العفن قبل عام 1985 الا قليلا جدا، ولا يزال الكثير منها فى انتظار اكتشافه. كثير من الميكوتوكسينات ضارة للانسان والحيوان عند استنشاقها أو تناولها بالفم أو ملامسة الجلد لها. ويمكن للميكوتوكسينات أن تسبب أنواعا من التأثيرات الصحية قصيرة الأمد وأخرى طويلة الأمد تتراوح من استجابات التسمم الفورى الى تأثيرات خطيرة مزمنة مسرطنة أو تشوهات جنينية. انّ الأعراض الراجعة للتعرض للميكوتوكسينات تتضمن الالتهاب الجلدى، وأعراض البرد والأنفلونزا، وتقرّح الحلق، والصداع، والخوار والتعب، والاسهال، وتعثر الوظائف المناعية الذى يؤدى الى العدوى الانتهازية (حيث يؤدى ضعف المناعة الى انتهاز الميكروبات لغزو الجسم). ومن الناحية التاريخية يعتبر التسمم بالميكوتوكسينات مشكلة مزمنة للمزارعين وصناعة الانتاج الحيوانى فى الدول النامية وشرق أوربا.

وتختلف أعراض التعرض للميكوتوكسينات اختلافا بيّنا فهى كثيرة التنوع. وتختلف تأثيرات تلك السموم أيضا اعتمادا على الكمية التى تعرّض لها الشخص وطول مدة التعرض. وتؤثر كثير من الميكوتوكسنات فى الجهاز العصبى محدثة أعراضا مثل الدوار، وثقل الحركة، وعدم وضوح الرؤية، والارتباك والتشويش، ولكنّ تلك الأعراض لا تظهر فى كل الحالات أو مع كل الميكوتوكسينات. انّ معضلة الميكوتوكسينات الناجمة عن نمو وتكاثر فطريات العفن الأسود فى الحبوب الرطبة أو المصابة بالحشرات تقودنا أيضا الى ذكر مشكلة يومية أخرى:
صورة

فهذا العفن الأسود الذى فى البصلة يتبع جنس "أسبرجيللاس Aspergillus" من الفطريات ويعرف "بعفن الأسبرجيللاس الأسود". اذا تلامست أصابعك مع ذلك العفن الأسود فان الأمر يحتّم عليك غسيل يديك الكريمتين جيدا بالماء والصابون حتى تنشل نفسك من تلك الورطة!

على أية حال فانّ الأبصال والثوم الحاملة لذلك العفن غالبا ما يكون الاسوداد أو الازرقاق الذى يشبه الكدمة قد وصل الى لب البصلة أو قلبها. وحتى تكون فى جانب الأمان فعليك ببساطة أن تلقى بها فى القمامة مهما كنت قد دفعت من جنيهات أو ريالات أو دولارات. ولكن اطمئن، فأنت تبتلع كل يوم عددا لابأس به من جراثيم الاسبرجيللاس، فزوجتك الفاضلة - وزوجتى الفاضلة أيضا- غالبا ما تغسل البصلة المهببة وتستعملها للسلطة أو الطبيخ. انّ الأمر لا يقتصر على ربات البيوت ولا على المطاعم السياحية أوالمتواضعة، فكل المطاعم والفنادق 7 نجوم و 70 نجمة و 7000 نجمة يفعلون نفس الأمر من طوكيو الى كاليفورنيا ومن جوهانسبرج الى أوسلو.

فينمو عفن الأسبرجيللاس الأسود فى الأبصال والثوم فى الأجواء الدافئة. ونادرا ما يعرف المزارعون ومراقبوا الجودة عن ذلك النوع من نمو العفن فهو يكون مختفيا بين قشور الأبصال، وأحيانا ما لا يكون هناك علامات مرئية لتلف البصلة من الخارج. وبالرغم من معرفتنا بأن العفن يتكاثر فى الظروف الرطبة الا أنّ الاسبرجيللاس يتكاثر فى الأبصال والثوم فى المناطق متطرفة السخونة المماثلة للصحارى والتى يزرع فيها البصل.
ويقل احتمال أن يمرض الانسان بسبب الفطرالأسود من النوع "أسبرجيللاس نيجر Aspergillus niger" عن بقية أنواع الأسبرجيللاس، ولكن وجد أنه يسبب مرضا يسمى مرض "الترشٌّش Aspergillosis" اذا ما استنشق الشخص كميات كبيرة من جراثيمه السوداء التى تشبه ذرات السناج (السخام أو الهباب). انّ من بعض أعراض مرض الترشُّش السعال، وآلام الصدر، والحمى، وصعوبة التنفس.
وقد تتضمن الحالات الشديدة صدمة، وقشعريرة، وهذيان (ويبدو أنّ المستعكشون والمستبسمون والمستنقذون دائما ما يستنشقون كميات كبيرة من جراثيم الأسبرجيللاس فى جلساتهم الخاصة). وتتضمن الأعراض الشديدة أيضا السعال المدمم، وتجلط الدم. ومن المحتمل أيضا أن يجد العفن طريقه الى الأعضاء الأخرى فى الجسم مدمرا الخلايا السليمة فيها مسببا صعوبة التنفس، والفشل الكبدى، والفشل الكلوى والعياذ بالله.

كثير من الناس يغسلون ببساطة عفن الاسبرجيللاس الأسود المهاجم للبصل ما دامت البصلة تبدو نظيفة عند فحصها. على كل حال فان الجراثيم السوداء بالغة الدقة والتى تتخلف عن الغسيل والمختفية خلف السطح المغسول بين الأوراق الشحمية للبصلة تكون من الصغر بحيث لا يمكن رؤيتها. فاذا علمت فداحة المشاكل الصحية الناجمة عن تناول جراثيم العفن الأسود فاننى واثق بأنك لن تفكر أبدا مرتين فى القاء البصل الملوث والتخلص منه!
http://profhashem.blogspot.com/2013/03/?m=1
مدونة تكنولوجيا الطحن Millingtec
https://millingtec.blogspot.com
-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-
مدونة اعمل صالحا DOSALEH
https://dosaleh.blogspot.com
-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-٠-
قناة زدنى علما zdny3lma
https://www.youtube.com/@zdny3lma
Knowledge is a power
Keep on what you're reading of HOLY QURAN
There is much still to learn
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع عامه فى تكنولوجيا الطحن و الجودة General Posts in Milling & quality Techniques“