﴿ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذينَ كَفَروا يَفتَرونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَأَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ﴾ [المائدة: ١٠٣]
- معاني الكلمات
﴿بَحِيرَةٍ﴾ الَّتِي تُقْطَعُ أُذُنُهَا، وَتُخَلَّى لِلطَّوَاغِيتِ؛ إِذَا وَلَدَتْ عَدَدًا مِنَ الْبُطُونِ.
﴿سَائِبَةٍ﴾ الَّتِي تُتْرَكُ لِلأَصْنَامِ؛ بِسَبَبِ بُرْءٍ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نَجَاةٍ مِنْ هَلاَكٍ.
﴿وَصِيلَةٍ﴾ الَّتِي تَتَّصِلُ وِلاَدَتُهَا بِأُنْثَى بَعْدَ أُنْثَى؛ فَتُتْرَكُ لِلطَّوَاغِيتِ.
﴿حَامٍ﴾ الذَّكَرِ مِنَ الإِبِلِ إِذَا وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ عَدَدٌ مِنَ الإِبِلِ، لاَ يُرْكَبُ، وَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ.
- المختصر في التفسير
أحل الله الأنعام، فلم يُحَرِّمْ منها ما حَرَّمَهُ المشركون على أنفسهم لأصنامهم من البَحِيرة وهي الناقة التي تُقْطَعُ أذنها إذا أنجبت عددًا معينًا، والسائبة وهي الناقة التي إذا بلغت سِنًّا معينة تُتْرَكُ لأصنامهم، والوصِيلة وهي الناقة التي تصل إنجاب أنثى بأنثى، والحامي وهو فحل الإبل إذا نتج عدد من الإبل من صلبه، لكن الكفار زعموا كذبًا وبهتانًا أن الله حرَّم المذكورات، وأكثر الكافرين لا يميزون بين الحق والباطل والحلال والحرام.
- التفسير الميسر
ما شرع الله للمشركين ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام مِن تَرْك الانتفاع ببعضها وجعلها للأصنام، وهي: البَحيرة التي تُقطع أذنها إذا ولدت عددًا من البطون، والسائبة وهي التي تُترك للأصنام، والوصيلة وهي التي تتصل ولادتها بأنثى بعد أنثى، والحامي وهو الذكر من الإبل إذا وُلد من صلبه عدد من الإبل، ولكن الكفار نسبوا ذلك إلى الله تعالى افتراء عليه، وأكثر الكافرين لا يميزون الحق من الباطل.
- تفسير السعدي
هذا ذم للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما أحله الله، فجعلوا بآرائهم الفاسدة شيئا من مواشيهم محرما، على حسب اصطلاحاتهم التي عارضت ما أنزل الله فقال: ﴿مَا جَعَلَ الله مِنْ بَحِيرَةٍ﴾ وهي: ناقة يشقون أذنها، ثم يحرمون ركوبها ويرونها محترمة. ﴿وَلَا سَائِبَةٍ﴾ وهي: ناقة، أو بقرة، أو شاة، إذا بلغت شيئا اصطلحوا عليه، سيبوها فلا تركب ولا يحمل عليها ولا تؤكل، وبعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة. ﴿وَلَا حَامٍ﴾ أي: جمل يحمى ظهره عن الركوب والحمل، إذا وصل إلى حالة معروفة بينهم. فكل هذه مما جعلها المشركون محرمة بغير دليل ولا برهان. وإنما ذلك افتراء على الله، وصادرة من جهلهم وعدم عقلهم، ولهذا قال: ﴿وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ فلا نقل فيها ولا عقل، ومع هذا فقد أعجبوا بآرائهم التي بنيت على الجهالة والظلم.
- تفسير ابن جزي
﴿ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام﴾ لما سأل قوم عن هذه الأمور التي كانت في الجاهلية هل تعظم لتعظيم الكعبة والهدى أخبرهم الله أنه لم يجعل شيئا من ذلك لعباده: أي لم يشرعه لهم، وإنما الكفار جعلوا ذلك، فأما البحيرة: فهي فعيلة بمعنى مفعولة من بحر إذا شق، وذلك أن الناقة إذا أنتجت عشرة أبطن شقوا آذانها وتركوها ترعى ولا ينتفع بها وأما السائبة فكان الرجل يقول: إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة، وجعلها كالبحيرة في عدم الانتفاع بها، وأما الوصيلة فكانوا إذا ولدت الناقة ذكرا وأنثى في بطن واحد قالوا: وصلت الناقة أخاها فلم يذبحوها، وأما الحامي فكانوا إذا نتج من صلب الجمل عشرة بطون قالوا: قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه شيء.
﴿ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب﴾ أي: يكذبون عليه بتحريمهم ما لم يحرم الله.
﴿وأكثرهم لا يعقلون﴾ الذين يفترون على الله الكذب هم الذين اخترعوا تحريم تلك الأشياء، والذين لا يعقلون هم أتباعهم المقلدون لهم.